إنجيل من الإنجيل:
لا شك أن الناس ينبغي أن يساعد بعضهم بعضا , لبلوغ الحقيقة
التي جاء بها الوحي على مر الزمان . وبما أن هناك أناجيل موافقة
لما جاء به القرآن الكريم , ومناسبة لما يتقبله العقل السليم , مثل
إنجيل "برنابا " و" إنجيل " قمران...المتميزيين بدعوتهما إلى التوحيد
الخالص , البعيد عن ادعاء الشريك والولد لله تعالى , وتبشيرهما
بمجيء آخرمن يكون نبيا, وأقوى مخلص للبشرية بقدرة الله تعالى ,
وبما أن هذا ليس غريبا كذلك عن الأناجيل المتداولة , والمعترف بها
عالميا , فإني هنا لأعطي طريقة لاختيارإنجيل من أناجيل الكنيسة ,
التي تضمنت بقية من التوحيد الخالص , ونصوصا كافية لتكذيب ما
أضيف عن طريق التحريف والتزييف , من ترسيخ كون السيد المسيح
ابن لله تعالى , وأنه إله أورب...وهذا عين الشرك , لايقبله الله تعالى
ولا نبيه الكريم "يسوع " , عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام . لهذا
وجب استخراج إنجيل من الأناجيل , يكون رابطا للماضي بالحاضر,
لكون وحي الله تعالى متواصلا وليس متناقضا , فلا بد من معرفة
كون كل الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام على ملة واحدة ,
فوجب أن يكون أتباعهم كذلك على ملة واحدة , وهي توحيد الله تعالى ,
والدعوة الى التخلق بأخلاق الإيمان , والصبرعلى الطاعة , ومعاملة
الآخرمعاملة حسنة , والعطف على البشروالحيوان , وإنهاء الحروب ,
والتعاون على الخير, وتجنب التعامل بالربا , والابتعاد عن الزنا ,
وإخراج العشرأو ما عبرعنه بالزكاة , وأداء الصلوات المفروضة....
وكل هذا موجود في القرآن الكريم , والإنجيل....فلا تعارض بيننا إذا
اعتمدت النصوص الصحيحة , وتخلي الناس عن الأفكارالدخيلة على
الإنجيل , والمرفوضة عقلا وطبعا ووحيا...ولقد حذرالسيد المسيح ,
عليه وعلى نبينا السلام , من جماعة لا يهمها إلا اللباس الفاخر,
والتصدرفي المجالس ...وإن كان ذلك على حساب كلام الرب وكلام
رسوله الكريم...فإذا ربطنا سابق الوحي بحاضره , وتخلصنا من
الكلام المشين , أصبح النصراني قريبا جدا من المسلم , فإذا اقتنع
بما جاء به إنجيلهم الصحيح الذي سأذكره , واقتنع بما جاء به
إنجيل : "برنابا " وإنجيل " قمران "...آمن بسهولة بما جاء به
نبي الإسلام , عليه وعلى السيد المسيح السلام...والحق أن عند
النصارى ما يعينهم على ذلك , بل إن عندهم من النصوص ما يفرض
عليهم ذلك...وأنا لا أحب التعصب الأعمى , وإنما أعتمد الحقائق الثابتة ...
ومن النصوص الثابتة في الإنجيل , والرافضة لادعاء كون يسوع
ابن الله تعالى ما يأتي : لقد خاطب كاهن السيد المسيح عليه وعلى
نبينا السلام قائلا :أنت ابن الله ؟ فقال له :" يسوع : أنت قلت !
وأيضا أقول لكم : من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين
القوة , وآتيا على سحا ب السماء" ( 49إنجيل متى) ....فهذا النص
الكريم سلم من التحريف , وبين لنا موقف السيد المسيح عليه
وعلى نبينا السلام  بوضوح , من هذه القضية الشركية , ويظهر
الرفض جليا في قوله الكريم : أنت قلت ! أي لم أقل أنا مثل هذا
الكلام السخيف ...وقال كذلك مؤكدا رفضه كون الله تعالى له ابن :
" وأيضا أقول لكم : من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن
يمين القوة...."أي عن يمين القوي الذي هو الله تعالى. وإذا كان
الرسول يسوع عليه وعلى نبينا السلام , يصرح بأنه ابن الإنسان ,
وليس ابن الله تعالى , فمن قال : إنه ابن الله فقد خالفه وعصاه...
ومن عصاه فهوفي النا ر...ولا يمكن أن يقول السيد المسيح بأنه
ابن الله تعالى,لأنه عاقل , ونبي مبشربوجود الله تعالى, وبوحدانيته
الأبدية , ويستحيل أن يتناقض ...فلزم أن يكون من قال بأنه ابن
الله كاذبا ومزورا...وهذا نص من الإنجيل يثبت كلامي . ويثبت
تواضع السيد المسيح , ورفضه مجرد وصفه بالصلاح , فكيف يرضى
أن يوصف بكونه إلها؟ ففي 22 إ نجيل متى 1719 :قال لمن وصفه
بذلك :"لماذا تدعوني صالحا ؟ ليس أحد صالحا إلا واحد , وهو الله ..."
هنا يلتقي النصراني بالمسلم , فكلنا يقول:إن الله واحد لا ولد له ولا
شريك , وهوالقوي فلا غالب له...
ومن النصوص الإنجيلية , التي يوجد مثلها في كل الديانات السماوية
ما يلي : 30 وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ
فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31 وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ:
تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».32 فَقَالَ لَهُ
الْكَاتِبُ: «جَيِّدًا يَا مُعَلِّمُ. بِالْحَقِّ قُلْتَ ، لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ.
33 وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ، وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ، وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ، وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ،
وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ، هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ».34 فَلَمَّا
رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْل، قَالَ لَهُ: «لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ». وَلَمْ يَجْسُرْ
أَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ!
فهذه نصوص كريمة , تعترف أمام السيد المسيح عليه وعلى نبينا السلام ,
بأن الله واحد في قول الكاتب :" لأَنَّهُ اللهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ " , أي لا
مسيح ولا غيره..وقد قبل السيد المسيح هذه الحقيقة منه وقال له مادحا:
" لَسْتَ بَعِيدًا عَنْ مَلَكُوتِ اللهِ". وهوكلام فيه تثبيت لوحدانية الله تعالى ,
واعتراف بصدق كلام الكاتب... ». وَلَمْ يَجْسُرْأَحَدٌ بَعْدَ ذلِكَ أَنْ يَسْأَلَهُ !
فالجميع معترف بصحة ما قيل , لهذا فما جاء مناقضا لهذا الكلام ينبغي
أن يعتبرباطلا , مردودا... وبهذه الطريقة نصفي الإنجيل من الشوائب
العالقة به , ونسيرنحو الحق المثبت في الإنجيل نفسه , مما لا يتطلب إلا
وعيا وعقلا مميزين بين الحق والباطل... وبين كلام السيد المسيح
وكلام الجماعة التي حذرمنها:" وَقَالَ لَهُمْ فِي تَعْلِيمِهِ: «تَحَرَّزُوا مِنَ
الْكَتَبَةِ، الَّذِينَ يَرْغَبُونَ الْمَشْيَ بِالطَّيَالِسَةِ، وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ، 39
 وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ، وَالْمُتَّكَآتِ الأُولَى فِي الْوَلاَئِمِ. 40 الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، وَلِعِلَّةٍ يُطِيلُونَ الصَّلَوَاتِ. هؤُلاَءِ يَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً
أَعْظَم . " هذه العلة معروفة هي النفاق والظهوربمظهرالصلاح , كمبرر
لأثبات الذات , وتمريرالأفكارالمناقضة لرسالة السيد المسيح , المبنية
على تمجيد الله تعالى وتوحيده , ونشر شريعته , والتحذيرمن مخالفتها ,
وهم بهذا حاجزبين الله وعباده , يأكلون بيوت الأرامل بباطل كلامهم ,
وكذلك يستولون على عقول العامة بتخريفاتهم....ولقد وجد اليوم كذلك
من أصدرفتاوى تناقض ما بالإنجيل من أحكام , منها هذا السؤال وجوابه
المنشوران بموقع الكتاب المقدس : هل الشذوذ الجنسي خطأ؟ الإيمان
المسيحي وزواج الشواذ ؟ الجواب :" ان كثيرين غير سعداء بحياتهم في
الشذوذ الجنسي او السحاق وان هذا الامر مرجعيته داخليه من داخل النفس
لاسباب..." وكأن الإنسان إله نفسه يحلل ويحرم ! وهذا مناقض لقول
الإنجيل , الذي يمكن أن يكون المفتي يجهاه جهلا تاما , فقد جاء في  رسالة
بولس الى رومية :"
18 لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس و اثمهم الذين 
يحجزون الحق بالاثم* 19 اذ معرفة الله ظاهرة فيهم لان الله اظهرها لهم* 
20 لان اموره غير المنظورة ترى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته 
السرمدية و لاهوته حتى انهم بلا عذر* 21 لانهم لما عرفوا الله لم يمجدوه 
او يشكروه كإله بل حمقوا في افكارهم و اظلم قلبهم الغبي* 22 و بينما هم 
يزعمون انهم حكماء صاروا جهلاء* 23 و ابدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه 
صورة الانسان الذي يفنى و الطيور و الدواب و الزحافات* 24 لذلك اسلمهم 
الله ايضا في شهوات قلوبهم الى النجاسة لاهانة اجسادهم بين ذواتهم* 25 
الذين استبدلوا حق الله بالكذب و اتقوا و عبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو 
مبارك الى الابد امين* 26 لذلك اسلمهم الله الى اهواء الهوان لان اناثهم 
استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة* 27 و كذلك الذكور 
ايضا تاركين استعمال الانثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض فاعلين 
الفحشاء ذكورا بذكور و نائلين في انفسهم جزاء ضلالهم المحق* 28 و كما 
لم يستحسنوا ان يبقوا الله في معرفتهم اسلمهم الله الى ذهن مرفوض ليفعلوا 
ما لا يليق* 29 مملوئين من كل اثم و زنا و شر و طمع و خبث مشحونين 
حسدا و قتلا و خصاما و مكرا و سوءا* 30 نمامين مفترين مبغضين لله 
ثالبين متعظمين مدعين مبتدعين شرورا غير طائعين للوالدين* 31 بلا فهم 
و لا عهد و لا حنو و لا رضى و لا رحمة* 32 الذين اذ عرفوا حكم الله ان 
الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت لا يفعلونها فقط بل ايضا يسرون 
بالذين يعملون* 

فمجرد الرضى بذلك العمل غيرمقبول حسب بولس....ولقد جاء في سفرالتكوين 19
الكلام عن سيدنا لوط وقومه , وعن العذاب الذي لحق بهم , وهذا نصه :
" 24 فامطر الرب على سدوم و عمورة كبريتا و نارا من عند الرب من السماء*
 25 و قلب تلك المدن و كل الدائرة و جميع سكان  المدن و نبات الارض* " لهذا
يتأكد جهل هذا المفتي بحكم الإنجيل في أصحاب هذا العمل القبيح , مما جعل فتواه
مبيحة للزواج الشواذ , إرضاء لميولات أنفسهم , وقد يكون اطلع عليه إلا أنه لم
يعمل به وركب هواه في الإفتاء... على كل حال فلا بد من تحرك لإصلاح ما قسد ,
ليزول التناقض من الإنجيل , ويثبت الصحيح من القول دون غيره , إن الصواب
بين , والخطأ بين , ولا بد من الاجتماع حول توحيد الله تعالى وتمجيده , وإخلاص
 العبادة إليه , ولا بد من الانتباه الى تحذيرات "برنابا " بجد , قبل فوات الآوان ,
إن عذاب الله تعالى شديد . ثم إن الأمر بسيط جدا , فمن السهل الاجتماع على
كلمة سواء , هي توحديد الله تعالى الموجود عندنا وعند أصحاب الإنجيل كما
سبق , وألا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله تعالى , لأن ذلك جهل مرفوض
في الإنجيل والقرآن الكريم , فلا يبقى بعد هذا إلا العمل بشرع الله تعالى ,
فكل من القرآن والإنجيل , يحرم الزنا , واللواط , والسحاق , والقتل بدون
مبرر, والسرقة , والغش , وجمع العشرأو الزكاة وتفريقها على الفقراء...
وكلاهما يحث التعاون , والإحسان الى الناس .....وإقامة العدل ...
ععبداللطيف سراج الدين 
















شكرا لك ولمرورك