إرهاب الذات





إرهاب الذات :
الإرهاب يكون ضد الغيريكون ضد الذات كذلك , خاصة في المناطق التي
يكون مباحا فيها ما يسييء الى العقل البشري , من خمر, ومخدرات ,
وإباحية , وانحلال خلق , ومثلية , وسحاق ...لأن العقل السليم يكون في
مثل هذه البيئات مغيبا أوشبه مغيب , وكأن أصحابها يعيشون فقط على
هامش الشعور. لأن الخمروما أشبهها من المخدرات , لا يترك مجالا للعقل
يمكنه من استعمال كل قواه التمييزية , لهذا يكون المخدر على اعتقاده
شبيها باعتقاد قومه فاسدا قائدا الى الجحيم . كذلك من كان على ديانة لا
تنقذ من الجحيم , فمن السهل على ناقص العقل أن يسجد لصنم أو نار,
أو شجرة , أو بقرة ...وقد يتخلى الشخص عن كل ديانة , فيكون في كل
هذه الحالات مهددا للذات بعذاب أليم , عذاب نارلا ترحم , وهذا أخطر
وأغبى إرهاب – أعني – إرهاب الذات .
ومن التخد يرات الخطيرة الوراثة الاعتقادية , فهي أكثرتهديدا للبشر
من زجاجة خمر, ومن حبة مهلوسة ...لأن الشخص قد يرث أفكارا
خاطئة دون أن يعرضها على قواعد الاختبار, ومناهج التفكيرالصحيح ,
ظنا منه أن أباه أوأمه , أوهما معا على صواب , فيرث ما هما عليه من
شرك أو عادات سيئة ...فيكون من أهل النار. وقد يهتدي البعض بعقل
حكيم مميز, وذكاء خارق , ينجيانه من خطإ الإرث الفتاك , فيتخطى
مرحلة التقليد , ويختارالأحسن , فيصبح هوالهادي لأسرته أولقومه ,
إذ يستنكرما هم عليه من ضلال , ويرشدهم الى ترك أعمالهم القبيحة ,
وأقوالهم السفيهة , واتباع طريق الصواب , ليفوزوا بجنات جميلة
المنظر, وطيبة الفاكهة , عظيمة القصور, رائعة الحور, وهم صالحات
طائعات , غيرفاسدات ولا منحلات أخلاقا .... وإن سيدنا إبراهيم عليه
الصلاة والسلام , أفضل نموذج لمن اهتدى وسط قوم ضالين قبل
سيدنا محمد عليما الصلاة والسلام . ذلك أن وجد قومه غارقين في
التقليد يتواررثون الخطأ , ويعبدون صورا من الحجرلا تنفع ولا
تضر, فنهاهم فلم ينتهوا, فاغتنم فرصة غيابهم , فشرع يحطم
أصنامهم الى أن انتهى , وترك كبيرهم قائما ووضع في عنقه
الفأس , فجاء القوم وساءهم ما فعل , فأرسلواإليه وسألوه من
فعل بىلهتنا هذا ؟ فقال كبيرهم هذا , ألا ترون الفأس على عنقه؟
ولقد صورلنا الله تعالى ذلك المشهد في بيان عالي الدقة والقداسة
فقال تعالى :" فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)
قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى
يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى  أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ ي
شْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ
كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا
 إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا  عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ
يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ  دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)
أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا
آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ
(69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ
الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا
صَالِحِينَ (72) " ولقد كان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام قويا في
محاججته , حليما في تصرفاته , كما يظهرمن خلال هذه المناظرة التي
ساقها القرآن الكريم , في قول الله تعالى :" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ
فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي  يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ
أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ  مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ
بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) ...
ذلك أنه يهتدي بنورالحق , ومن كان كذلك أرشده الله تعالى الى سبل
السلام , وأيده بمنطق صائب الحجة , رحيم المسعى , نبيل القصد ,
على الطريق المستقيم , كما بين ذلك الله تعالى فقال :" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ
آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ
يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
(257)...وإن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام , هكذا انتصرفتى
رائع التفكير, معززبقوة الله تعالى , وسط جاهلية مظلمة , لا يرى
أصحابها إلا حلكة الاعتقاد الشركي الموروثة عن قوم حادوا عن طريق
الحق , فعموا وصمواوأصبحوا جميعا يرهبون أنفسهم أولا , باعتقاد
يقود الى النار...وإن من يكن وسط جاهلية ملحدة , فاجرة , منحلة ,
مثلية ...وكان راضيا عنها , سائرا في طريقها , كان إرهابي نفسه ,
باختياره الصعب , لأن وراء كل حي محاسبة عن عمله , من كثرذنبه ,
وفسد اعتقاده , أصبح باكيا صارخا وسط جحيم تشوه المنظر, وتقض
المقرفلا يستقرساكنها من كثرة ترنحه وسط عذاب أليم ...في دار القرار.
فهوإذن إرهابي نفسه , لأن الإرهاب كما يكون ضد الغير يكون ضد
النفس , ويكون ضد الفرد وضد المجتمع , وضد البشؤية كلها كما يفعل
الشيطان اللعين . فعلى الناس التنبه الى عدوكامن مسط الذات ,
مهددا لها بكل شرفي الدنيا والآخرة .
عبداللطيف سراج الدين 
شكرا لك ولمرورك