روح القدس في المسيحية والإسلام :
روح القدس أوجبريل عليه السلام , هوالملك المختارلإيصال
الوحي
من الله تعالى , الى أنبيائه عليهم السلام . كما تكلف
سيدنا إسرافيل
عليه السلام , بالنفخ في الصوريوم القيامة , وكما تكلف
سيدنا
عزرائيل حسب بعض الأقوال المتناقلة بين الناس , بقبض
الأرواح
عند الموت , وقد يكون له أعوان , وهناك أرواح يتولى الله
تعالى
قبضها بنفسه الكريمة , كأرواح من يقرأ آية الكرسي دبر كل
صلاة
مفروضة ... ونجد ملائكة آخرين تكلف بعضهم بمهام أخرى , عليهم
السلام جميعا . وقد يتكلف الملك الواحد بعدة مهام , مثل
السيد جبريل
عليه السلام , فهوأمين الوحي , وقد كلف كذلك بزلزلة من حكم
الله تعالى
عليهم بالزلزال , كما كان أول معلم للقرآن الكريم , إذ
كان يأتي الرسول
عليهما السلام فيدارسه القرآن الكريم , ويعلمه كذلك
الصلاة , ويحذره من
أعدائه , ويعطيه درسا في الدين أمام جمع من الصحابة , رضي
الله تعالى
عنهم . وكان يخبره كذلك بأخبار خاصة جدا , مثل أن يكون
بنعله المباركة
أذى , فعن أبي
سعيد الخدري قال رضي
الله تعالى عنه : صلى بنا رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم؛ فلما كان في بعض صلاته؛ خلع نعليه
فوضعهما
عن يساره , فلما رأى الناس ذلك خلعوا نعالهم , فلما قضى
صلاته
قال: (ما بالكم ألقيتم نعالكم؟) قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا
نعالنا
فقال: (إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيها قذرًا -أو قال: أذى- (وفي
رواية:
خبثًا)، فألقيتهما، فإذا جاء أحدكم إلى المسجد، فلينظر في نعليه ,
فإن
رأى فيهما قذرًا -أو قال:- أذى (وفي الرواية الأخرى: خبثًا) ؛
فليمسحهما،
وليصل فيهما). رواه أبو داود وابن خزيمة رحمهما
الله
تعالى . و سئل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى : هل مسمى الإسلام
غير
الإيمان ؟ فأجاب : لقد اختلف العلماء في ذلك اختلافاً كثيراً ,
والحق
ما ذهب إليه جمهورالسلف من التفريق بينهما , لدلالة
الكتاب
والسنة على ذلك فقال تعالى :" قَالَتِ الْأَعْرَابُ
آَمَنَّا قُلْ لَمْ
تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ
الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ "
الحجرات14,
وحديث جبريل في التفريق بين الإسلام والإيمان معروف
مشهور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان :
والرد
إلى الله ورسوله في مسألة الإسلام والإيمان يوجب أن كلاً من
الاسمين
, وإن كان مسماه واجباً , ولا يستحق أحد الجنة إلا بأن يكون
مؤمناً
مسلماً , فالحق في ذلك ما بينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث
جبريل,
فجعل الدين وأهله ثلاث طبقات : أولها الإسلام , وأوسطها الإيمان ,
وأعلاها
الإحسان . ومن وصل إلى العليا فقد وصل إلى التي تليها , فالمحسن
مؤمن
, والمؤمن مسلم , وأما المسلم , فلا يجب أن يكون مؤمناً ). وحديث
جبريل
عليه السلام المشا ر إليه أعلاه , حديث عجيب , فيه أكثر من
فائدة
, ذلك أن فيه ملكا مكرما يجلس أما م الرسول , وبحضرة أصحابه
عليهم
السلام جميعا , يسأله ليعلم الحاضرين أمرد ينهم الكريم , عن طريق
السؤال
والجواب , لترسيخ الفائدة , وتدريب الحضورعلى منهج تعليم جديد ,
كما
سيعطي دليلا على أن الحاضر المتكلم , ليس من البشرولا من سكان
البلد
, فهوغريب عن القوم ولكنه لايرى عليه أثرالسفر, حسب ملاحظة
الحاضرين
الأذكياء , فالسفر في أرضهم ليس غريبا عنهم , فلابد أن يعرق
المسافرفي
حرالصحراء , ولا بد أن يعلق بجسمه رملها وترابها , وإذا اجتمع
العرق
والتراب أوالرمل اتسخ الثوب بالضرورة , فمن هو هذا الغريب ,
شديد
بيا ض الثياب , جميل الصورة ؟ هذا ما كان يدوربأفكارالحاضرين ,
الذين
حيرهم كذلك شيء آخرليس بأقل عجبا من الأول , هو أنه يسأل خير
الناس
, فإذا أجاب صدقه !
ومن هو هذا الرجل حتى يكون في مستوى
تصديق الرسول واختباره ؟ لابد أن يكون في الأمر سر...ومعلوم
أن
الصحابة رضي الله تعالى عنهم , لا يستطيعون إسكات الرجل
أو
منعه من مخاطبة الرسول بهذه الطريقة , لأن النبي عليه
السلام
قبل منه ذلك , وتأ د ب معه في المجالسة والمناقشة , فلا
بد من
انتظارإخبارنبيهم عليه وعليهم السلام , بعد الجلسة
المفيدة . ولك أن
تستفيد من الحديث بنفسك كما استفاد الصحابة رضي الله
تعالى عنهم .
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :"ذلك الحديث هو المعروف عند
علماء
الحديث بحديث جبريل عليه الصلاة والسلام الذي يرويه الإمام
مسلم
في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، الذي لما يرويه
عن
أبيه حيث قال: حدثني عمر (أنه كان في مجلسٍ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ
جاء
رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر،
ولا
يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأسند ركبتيه إلى
ركبتيه،
ووضع
كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد! أخبرني عن الإسلام . قال:
الإسلام
أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة،
وتؤتي
الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً، قال
السائل:
صدقت، قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه ! قال:
فأخبرني عن
الإيمان،
قال: الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم
الآخر،
وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال:فعجبنا له يسأله
ويصدقه!
قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه،
فإن
لم تكن تراه فإنه يراك، قال: فأخبرني عن الساعة. قال: ما المسئول
عنها
بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة
ربتها،
وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان، قال
عمر:
ثم لبثنا ملياً -أي: طويلاً، وفي رواية: ثلاثة أيام- ثم قال عليه
الصلاة
والسلام: أتدرون من السائل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال
عليه
الصلاة والسلام: ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم .....
التعليق على هذا الحديث يطول في الكلام، فهو شيء هام جداً، ولكننا لسنا
بهذا
الصدد، وإنما سقناه لأمرين اثنين: الأول: تذكيراً لكم به. والثاني: ربطاً
للجواب
على السؤال الأول، لما جاء في هذا الحديث ذكر من أسلم ومن هدي
للإسلام، حيث سأل جبريل عليه الصلاة والسلام،
وهو قد تصور بصورة
إنسان، جاء إلى مجلس الرسول عليه الصلاة
والسلام، ويبدو أنه كان في
المجلس
شيءٌ من الوجوم وعدم الانطلاق في البحث والعلم؛ ذلك لأن قوله
عليه
الصلاة والسلام في آخر الحديث من الرواية السابقة : هذا جبريل
جاءكم
يعلمكم دينكم . وقد جاء في رواية أخرى في صحيح مسلم أيضاً،
ولكن
من رواية أبي هريرة وليس من رواية عمر قال : هذا جبريل أتاكم
يريد
أن تعلموا إذ لم تسألوا... الشاهد هنا (أتاكم يريد أن تعلموا -أي: أن
تتعلموا-
إذ لم تسألوا. فما دام أنكم واجمون وساكتون ولا تسألون، فقد
بعث
الله عز وجل رسوله جبريل عليه السلام إليكم ليعلمكم طريقة السؤال
والجواب.
وهذا الحديث الصحيح من أد لة كثيرة على أن من طرق تعليم
العلم
في الإسلام طريقة السؤال والجواب، وليس كما يتوهم الكثيرون اليوم
الذين
لا علم عندهم بالإسلام ، أن هذه الطريقة من السؤال والجواب هي
طريقة
ورقية أجنبية ، بل هي طريقة إسلامية شرعها الله عز وجل بواسطة
جبريل
عليه الصلاة والسلام، حين أرسله إلى النبي صلى الله عليه وآله
وسلم.... انتهى كلام
الشيخ الألباني
رحمه الله تعالى . بهذا نعلم أن سيدنا
جبريل عليه السلام , سجل حضوره
الكريم بين صحابة رسول الله تعالى ,
عليهم الصلاة والسلام جميعا .
كما
سجل حضوره بين صحابة السيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة
والسلام
, فقد جاء في الإنجيل 8 سفرأعمال الرسل 213 "وبينما هم يخدمون
الرب
ويصومون , قال الروح القدس :" أفرزوا لي برنابا وشا ول , للعمل
الذي
دعوتهما إليه ..." فهذا الملك الكريم القوي بقدرة الله تعالى , كان حاضرا
كذلك بين أصحاب الرسول سيدنا عيسى عليه وعلى
نبينا الصلاة والسلام ,
لأنهم كانوا
قوما صالحين , يقضون أوقاتهم في الصلاة والصوم وعبادة
الرحمان
سبحانه وتعالى, فلا غرابة أن ينزل بينهم بالرحمة , لأنه إذا
جار القوم
وعصوا الله تعالى , لا ينزل إلا معاقبا بزلزال أورجم أوصاعقة....
فلا بد من
استخدام العقل للاستفادة من تجارب الآخرين , للفوز بالنجاة من
النار....
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء