التطرف :
التطرف هو الغلو, والشطط , والإسراف في التصرف أوالسلوك ,
أوالمعتقد ...مع شبه تعطل في الوعي . ذلك أن المتطرف
يكون
مندفعا اندافاعا جنونيا , دون تفكير في العواقب , ودون إد
راك
لحجم غفلته , وما ينتج عنها من خسارة قريبة الأمد أوبعيدته
.
والغلو أو التطرف لا يخلومنه ميدان , فكل أصنا ف
البشريرتبط
الغلوببعض أعمالهم , فالمتدينون مثلا ينقسمون الى أقسام
, منهم
أميون وعلماء وبين ذلك , والأميون يرتبط سلوكهم بسلوك
وإرشاد
علمائهم , فإذا كان علماؤهم على خطإ , فهم على خطإ
أكبرمنه ,
لأن الديانات متعددة , بعضها جهل محض , وبعضها بين الجهل
والصواب , وبعضها صواب محض ...فأما التي هي جهل فكعبادة
الأوثان , وعبادة النار , وعبادة الشجر, وعبادة البقر,
وعبادة
الأرواح , وعبادة الكواكب , وما شابهها من عبادات شركية
,
وهذا النوع يكون علماؤه قمة الجهل , وأتباعهم أغبى وأضل
,
وهم كلهم متطرفون يسلكون سلوكا غيركامل الوعي , لأنهم
يسجدون لما لا ينفع ولا يضر, ويطلبون منهم
النصروالعون...
وقد يمشي بعضهم
عدة كيلومترات على يديه وركبتيه , حتى
يصل الى مكان الصنم وهويسجد ويركع ...ولو أنه كان موحدا
وفعل ذلك أمام الله تعالى تواضعا له , لبلغ مبلغ كبا
رالواصلين ...
وهناك عبادة تعتبرخليطا بين الخير والشر, لهذا فكل
أتباعها غلاة
متطرفون في اعتقادهم , كمن يدعي أن لله تعالى ولدا
وصاحبة...
وأن ولده رب وهو من البشر...فهذا الصنف غلاة , وبهذا
وصفهم
الله تعالى في القرآن الكريم إذ قال جل جلاله :" يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا
فِي
دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ
إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
رَسُولُ اللَّهِ
وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ
وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ
إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ
يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ".
وقال السيد المسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : :" أنت قلت !
وأيضا أقول لكم :
من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسا عن يمين
القوة , وآتيا على
سحا ب السماء" ( 49إنجيل متى) , وهورد
على من قال للسيد المسيح هل أنت ابن الله تعالى؟ فأجابه
بالرفض
الواضح . لهذا يكون من النصارى من لا يقول بهذا الشرك
المفترى.
وقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم :" ولا تغلوا، فإن الغلول
ناروعا رعلى أصحابه في الدنيا والآخرة ..." وهو حديث يستفا د
منه أن الغالي معذب , سواء كان الغلوفي معاملته , أو اعتقاد
ه ,
أوفي غيرذلك , مما يخالف شرع الله تعالى . وقد يكون
الغلوفي
قراءة القرآن الكريم كذلك , بمخالفة قواعد القراءة
الواردة عن
النبي , صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم , لقول عليه الصلاة
والسلام:" عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعا: "اقرأوا القرآن،
ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا
به".
وقد يكون الغلو في الأعمال الجنسية , عندما تخرج عن
المسار
الطبيعي لها , وتصبح مرضا نفسيا , وسلوكا مخالفا لشرع
الله
تعالى , كالمساحقة , والزواج بالمثل , وتغييرخلق الله تعالى
,
برجوع الرجل امرأة , والمرأة رجلا...فهذا غلواستحق
أصحابه
القتل في الإنجيل , حسب رسائل "بولس" , والقتل
أوالتأديب
في شرع الإسلام , لأن اللوطيين يقتلون , والمساحقات
يؤدبن .
إذن فهو غلوغيرمتبصر, بمعنى أنه لا يستعمل العقل جيدا...
وقد تعطل فيه عامل الحياء كذلك , وعامل الخوف من الله
تعالى ,
وتعطل فيه الشعوربالمسؤولية الأخلاقية , وكأن البشرحرفي
أعماله حرية مطلقة . كلا إنه سيسأ ل عن تصرفاته وأقواله
كلها. قال تعالى :"ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب
عتيد." وقال
تعالى حكاية عن المسؤول الخائف يوم الحساب:"يأ
ويلتي ,
مالهذا الكتاب لا يغادرصغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها..؟"
ومن الغلوالممثل له في التربية الحديثة , غلو من يريد أن
يداوي
بيتا من الجراثيم فيحرقه كله. وهو دون شك عمل ناقص التفكير...
غال في استعمال الدواء ....وكذلك من يحارب من أجل شيء
واجب
التحقق , ولكنه يجد من إخوانه من يخالفه لأمرقد يكون
مبررا , وقد
يكون غاليا في الخروج عن الصواب , فيقتتل الجميع دون وضع
خطة
للإصلاح بينهم ,
فيفني بعضهم بعضا , ويضعف بعضهم بعضا من أجل
المصلحة ... فيكون كلاهما غاليا في تصرفه , لأنه أحرق
البيت الذي
يريد أن يداويه , أوأرسل بهم الى الناربمخالفة الشرع
المختار...
وقد يكون المعطل لأجل المصلحة فقط , فيكون المفتي مسؤولا
دون
غيره . إذن لا بد من إشعال الإدراك , قبل خوض المعارك ,
بمثل
طرح السؤال الآتي: هل الإقدام في صالح الأمة والبشرية ,
أم هو
بالعكس ؟ وفي صالح من تكون الخسارة ؟ فإذا كان الإقدام
هدما لما
بناه الأولون , فمن الأحسن استبداله بجهاد من نوع يفيد
الجميع.
ومن الغلو الذي يشترك فيه أهل الديانات السماوية كلهم ,
التعامل
بالربا , المحرم في القرآن والإنجيل...وترك جمع الزكاة
المأمور به
شرعا في الكتابين معا , وكذلك ترك العمل بعقوبة الزنا ,
المنصوص
عليها في القرآن والإنجيل ....وترك الحروب المسيئة
للبشرية واجب
عالمي ... وعلى كل حال فالغلوليس تفكيرا ناضجا , وليس من
دعا الى
الله تعالى غاليا , وإنما الغالي من كان عمله مؤد يا الى
محرم شرعا
عقلا , وأخلاقا ...
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء