كيف تقرأ موسوعات الفقه؟
الفقه الإسلامي يمثل شرع الله تعالى , لهذا يجب أن
نتعامل معه
بأدب . ولقد جاء رجل الى ابن سحنون رحمه الله تعالى ,
وهو
بين طلبته أظن , فسبه عن طريق الهمس في الأذن , مخافة أن
يضربه طلبته ...فكان جواب ابن سحنون رضي الله تعالى
عنهما :
سيقضى غرضك...فانصرف الرجل . وبعد مدة قصيرة أصيب
بأمراض نفسية , ووساوس مزعجة..ذلك أن الله تعالى يدافع
عن
الصابرين , ولأن فقيمة الفقيه العامل المخلص , عند الله
تعالى
لا يعلمها إلا هو, لهذالا بد من احترام الفقهاء وكتبهم ,
لأنهم
حفظوا للأمة دينها , ويسروه وفسروه جازاهم الله تعالى
عنا خيرا.
وهذا لا يمنع من التأكد والمقارنة والبحث , لنعلم مدى
توافق الأخبار,
ومدى تباعدها ....وبما أن المادة متشعبة , والآراء
مختلفة , وقد
تجد داخل المذهب الواحد عدة اختلافات , تمثل مذاهب شتى
,كمخالفة
بعض المالكية إمامهم , وموافقتهم مذهبا آخر....لهذا علينا
أن نعتمد
على عدة مصا د رمن مصادرالفقه المقارن , إن شئنا اللبحث
في
مسألة في باب من أبواب
الفقه الإسلامي , وأردنا معرفة آراء المذاهب
فيها . ولنأخذ مثلا باب صلاة العيدين , ونأخذ منه حكم
خطبة العيد ,
فإننا نجد كتاب :بداية المجتهد يقول : وكذاأجمعوا على أن
السنة فيها ,
تقديم الصلاة على الخطبة , لثبوت ذلك أيضا عن رسول الله
, صلى الله
تعالى عليه وسلم , إلا ما روي عن عثمان بن عفان , رضي
الله تعالى
عنه أنه أخرالصلاة وقدم الخطبة , لئلا يتفرق الناس قبل
الخطبة...
وهذا أمرشاهدناه مرارا في هذا العصر, فالناس بمجرد انتهاء
الصلاة
ينتشرون في الأرض إلا من تعود سماع الخطبة بعد
الصلاة...وهنا أقول
إن سيدنا عثمان حجة , وأنه أصصاب السنة , لأن الخلفاء
الراشدين
أعطوا درجة الاجتهاد , لقول الرسول صلى الله تعالى عليه
وسلم :
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي, عضوا عليها
بالنواجذ....
وهذا كذلك يجرنا الى القول بأن سيدنا عثمان رضي الله
تعالى عنه ,
فهم مقاصد الشريعة في وقت مبكر, فالغرض من الخطبة
هومخاطبة
وجدان الناس , ومعالجة قضايا دينية واجتماعية وتربوية
وتكافلية ...
فإذا خشينا فوات هذه الإصلاحات والتوجيهات ذات الأبعاد المختلفة
,
قدمنا ما يخشى فواته كما يقول الفقهاء , وبقيت السنة هي
السنة ,
أعني أن الخطبة سنة سواء قدمت أوأخرت , قياسا على قول
الرسول
صلى الله تعالى عليه وسلم في بعض العبادات : لايضرك
بأيهن بدأت...
ولأن عمل الراشدي سنة , ولأن مقاصد الشريعة لابد أن
تراعى....
ولأن الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم يقول: ما استحسنه
الناس ,
فهوعندالله حسن....وهذا إذا لم يخالف العمل النصوص وشرع
الله
تعالى , وإلا فهو رد...
وجاء في كتاب القوانين الفقهية :وتؤخرالخطبة عن الصلاة
اتفاقا ,
وهي خطبتان يجلس قبلهما وبينهما....وجاء في كتاب الفقه
على
المذاهب الأربعة : ولا تشترط عند (الحنفية) الخطبة
الثانية ...وقال
المالكية : الخطبتان بعد الصلاة , فإذا خطب قبل الصلاة ,
فإنه يسن
إعادتهما بعد الصلاة إن لم يطل الزمن....وقال الحنفية :
لا يشترط
أن يخطب بعد الصلاة , وإنما يسن تأخيرهما عن الصلاة , فإن
قدمهما على الصلاة فقد خالف السنة , ولا يعيدهما بعد الصلاة
أصلا .
وهذا مخالف لما جاء عند العلامة الزحيلي أمد الله تعالى
في عمره ,
ذلك أنه قال في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته : وخطبة
العيد بعد
الصلاة , فإذا قدمها لم تصح عند غيرالحنفية , ويندب
إعادتها بعد
الصلاة....فمن منهما الصحيح ؟
ومن الصحابة الكرام ابن الزبيررحمه الله تعالى , قدم
الخطبة
على الصلاة , فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : أصاب
السنة....كما جاء في كتاب :المحلى لابن حزم أكرمه الله
تعالى .
هذا نموذج البحث في مصادرمقارنة الفقه الإسلامي , والله
تعالى الموفق للصواب .
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء