ختم الإمام البخاري
ختم الإمام البخاري :
بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على أشرف
المرسلين , وعلى آله صحبه والتابعين لهم بإحسان الى
يوم الدين .
أيها السادة الكرام , يسعدنا أن نقتفي آثارأسلافنا من
علماء المغرب , الذين يقال :بأنهم أول من كتب في ختم
الإمام : " أبي عبدالله
محمد بن إسماعيل " البخاري
رضي الله تعالى , والذي يعد كتابه المبارك , أصح كتب
الحديث النبوي الشريف . والحق أن علماء المسلمين
كانوا يحتفلون بهذا الختم
المبارك , في أنحاء العالم
الإسلامي , كلما انتهوا من دراسة هذا المؤلف الحافل
بالخيرات , والذي حفظ هووأمثاله من أمهات كتب الحديث ,
كثيرا من كلام وسنة رسول
الله , صلى الله تعالى
عليه وسلم , الفعلية والتقريرية , وإن أول ختم كتب
في
هذا الباب , حسب ما بلغنا هوختم الإمام ابن حجرالمتوفى
سنة 752 هجرية رحمه الله
تعالى . ولقد دأب لسادة العلماء
رضي الله تعالى عنهم , على التركيز في
ختماتهم الطافحة
بالحب والعطاء , على ما ختم به المؤلف كتابه الكريم. ذلك
أنه
رضي الله تعالى عنه , ختم بآية من آي القرآن العظيم,
وبحديث من كلام سيد المرسلين عليهم
الصلاة والسلام
أجمعين . أما الآية المباركة فهي قول الله تعالى :"
ونضع
الموازين القسط ليوم القيامة ". وأما الحديث الشريف الذي
اختاره لختم
كتابه المبارك , فهو حديث يتعلق بنفس
الموضوع الذي تطرقت إليه الآية المباركة ,
رواه الصحابي
الجليل : أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله
صلى
الله تعالى عليه وسلم :" كلمتان حبيبتان الى الرحمن ,
خفيفتان على اللسان
, ثقيلتان في الميزان :سبحان الله وبحمده ,
سبحان الله العظيم ". وبهذا
الاختيارالميمون يكون الإمام
البخاري, رضي الله تعالى عنه , قد جمع بين عدل الله
تعالى ,
وبين فضله عزوجل, في نهاية مؤلفه المبارك . فبعدله عزوجل
يضع
"الموازين القسط ليوم القيامة "
, " يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا
عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا
عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا
وَبَيْنَهُ
أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ
بِالْعِبَادِ ".
ولهذا الغرض نزلت الآية
الكريمة , أعني ليكون كل مكلف على
حذرمن بطش ربه القوي العادل, فيداوم على
الطاعة ومراقبة
النفس , ويتجنب الفواحش ما ظهرمنها وما بطن , فيكون من
أولي
العزم , الذين يهزمون الشيطان والنفس بمخالفة
رغباتهما القبيحة , ويكون ممن
يأخذون كتبهم باليمين ,
فيحصلون على السعادة الأبدية , بعد أن توضع كل
الأعمال
في الميزان على الراجح , أما ما ذهب إليه
البعض من كون , الأعمال لاتوضع
كلها في الميزان
فهومرجوح , والراجح مؤيد بكثيرمن النصوص الكريمة ,
مثل
قول الله تعالى :" قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ
الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ
عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ
يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)
وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ
الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ
كَانَ
مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا
وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)
"
حتى الظن القبيح لقول الله تعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا
اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا
تَجَسَّسُوا
وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا
أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِ
هْتُمُوهُ
وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) "...وإن الله تعالى
يوم القيامة لا يرحم الكافرين والله تعالى
أعلم , لهذا قيل :
إن
الرحمن اسم من أسماء الله تعالى , فيه دالالة على أن
رحمته تشمل في الدنيا كل العباد
, أما الرحيم فمما يدل عليه,
أن الله تعالى في الآخرة لا يرحم إلا المؤمنين , لهذا
حث
الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم المؤمنين , على العمل
المنجي من خطرالميزان
يوم القيامة , العمل الذي لا يكلفنا
كبير مشقة , كقوله الكريم :"كلمتان
حبيبتان الى الرحمان ,
خفيفتان على اللسان , ثقيلتان في الميزان : سبحان
الله
وبحمده , سبحان الله العظيم ." ومثل قوله المبارك
الذي أخرجه الإمام أحمد , وصححه
الشيخ الألباني رضي
الله تعالى عنهما :" من قال لا إله إلا الله , أنجته
يوما
من دهره ,أصابه قبل ذلك ما أصابه ". وهناك حديث
مثله زيد فيه : ولو بعد أن
يصيبه العذاب , وهوحديث غير
صحيح قال عنه الشيخ الألباني إنه متروك . وقال
صلى الله
تعالى عليه وسلم :" إن نبي الله نوحا , صلى الله تعالى عليه
وعلى آله
, لما حضرته الوفاة قال لابنه :إني قاص عليك الوصية ,
آمرك باثنتين , وأنهاك
عن اثنتين : آمرك بلا إله إلا الله , فإن
السماوات السبع , والأرضين السبع, لووضعت
في كفة , ووضعت
لا إله إلا الله في كفة , رجحت بهن لا إله إلا الله , وسبحان
الله
وبحمده . فإنها صلاة كل شيء , وبها يرزق الخلق . وأنهاك عن
الشرك
والكبر...." وقال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:
وفي الخبر: إذاخفت
حسنات المؤمن , أخرج رسول الله صلى الله
تعالى عليه وسلم بطاقة كالأنملة فيلقيها
قي كفة الميزان اليمنى ,
التي فيها حسناته , فترجح الحسنات , فيقول ذلك العبد
المؤمن
للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم : بأبي أنت وأمي , ما أحسن
وجهك وما
أحسن خلقك ! فمن أنت ؟ فيقول : أنا محمد نبيك ,
وهذه صلواتك
التي كنت تصلي
علي , قد وفيتك أحوج ما تكون
إليها." وفي حديث الختم المبارك , يقول رسول
الله صلى الله تعالى
عليه وسلم :" كلمتان حبيبتان الى الرحمن , خفيفتان على
اللسان ,
ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده , سسبحان الله العظيم ."
اللهم
صل على سيدنا محمد وعلى آله , صلاة ترضيك وترضيه ,
وترضى ببها عنا
يارب العالمين , وارحم والدينا واشياخنا , وارض
عن صحابة رسول الله الكريم
, صلى الله تعالى عليه عليهم أجمعين
وسلم , ورضي الله تعالى عن المحدثين
الأخيار, وحملة علم شرع
الله الأبرار, ورحم الله تعالى شهداءنا الأطهار,
وفي مقدمتهم محرر
البلد من يد الاستعمار, سيدنا محمدا الخامس , والمولى
الحسن الثاني ,
محررالصحراء , وأقرالله تعالى عين جلالة الملك محمد
السادس ,
بولي عهده الأميرمولى الحسن , وأنبته النبات الحسن , وحفظ
الله
تعالى كل الأسرة الملكية الشريفة , وجعل بلدنا بلد الدين والاستقرار,
وجعل
لا إله إلا الله وسبحان الله , مسعدة لنا في الميزان , مرجحة
لكفة الغفران , وصلى
الله تعالى وسلم على كل نبي ومرسل ,
وملك مقرب آمين .
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء