مع فيلون المصري




فيلون بين الفلاسفة والمحرفين
لقد كتب كتابايدافع فيه عن اليهود,لأنهم كانوا
في زمنه وحدهم أصحاب دين سماوي,لأن
السيدالمسيح عليه السلام,لم يكن أرسل بعد;
ونظرالقلة الكتابة,وسرعة النسيان,فقددخل
كتابهم التحريف الناتج عن نسيان,أوسوء
فهم,أوسوء نية...لهذا وجد فيلون أقوالا
تأملهاالفلاسفة فلم تقبلهاعقولهم,قال بعض
الباحثين: لنتأمل على سبيل المثال في التكوين ٣:‏٢٢ كما ترد في الترجمةالسبعينية،‏ اصدار باڠستر:‏ «صنع الرب الاله لآدم وزوجته ثيابا من جلد وألبسهما».‏ رأى اليونانيون ان صنع الثياب ينتقص من وقار الاله الاسمى،‏ لذلك وجد فيلون معاني رمزية في هذه الآية.‏ فقال:‏ «ان التعبير ‏‹ثياب من جلد› هو تعبير مجازي يشير الى جلد الانسان،‏ اي جسدنا.‏ فالله خلق العقل اولا ودعاه آدم،‏ ثم خلق الحواسّ وأطلق عليها اسم الحياة.‏ بعد ذلك كان لا بد ان يخلق جسدا،‏ ودعاه بشكل مجازي ثوبا من جلد».‏ وبهذه الطريقة،‏ حاول فيلون ان يفلسف فكرة صنع الله ثيابا من جلد لآدم وحواء.....الى أن قال:
حاول فيلون ان يستخدم هذه الطريقة الرمزية لتحليل رواية الخلق،‏ مقتل هابيل على يد اخيه قايين،‏ الطوفان ايام نوح،‏ بلبلة الالسنة في بابل،‏ ومبادئ كثيرة في الشريعة الموسوية.‏ وكما يُظهر المثال في الفقرة السابقة،‏ غالبا ما كان فيلون يقبل المعنى الحرفي لآية من الكتاب المقدس ثم يقدّم تفسيره القائم على التأويل بالقول:‏ «ربما علينا ان نتأمل في هذه الامور من وجهة نظر رمزية».‏ ومن المؤسف ان كتابات فيلون حجبت المعاني الواضحة للاسفار المقدسة وأبرزت المدلولات الرمزية....
فالخوف من رفض الكلمة,أدى الى عمل نتيتجه
نفس الرفض..بل إخفاء وجه الحقيقة بصفة تامة.
ولم يخل عمله من تفكيرسليم,كمايظهرمن قول
نفس الكاتب: دافع فيلون عن وجود الله باستخدام ايضاح فعّال.‏ فبعد ان وصف اليابسة والانهر والكواكب والنجوم،‏ استنتج ان «العالم هو اعظم المصنوعات دلالة على الابداع والاتقان،‏ كأنما الذي صنعه كائن بمنتهى البراعة والمعرفة.‏ ونحن من خلال هذا العالم نستشفّ وجود الله».‏ وقد كان تحليله هذا منطقيا.....
وهذا التفسيريستخدمه كذلك المسلمون,عند
تفسيراسم الله عزوجل: الظاهروالباطن...فمخلوقاته
تعالى دالة على وجوده المبارك ,وقدرته العظيمة
تقدست أسماؤه الحسنى..
ولا شك في كون اللباس الجلدي غيرمنصوص
عليه في الوحي,قال الله تعالى في القرآن
العظيم:" فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ "
سورة الأعراف.
قال ذلك ليقنعهما بأن الأكل من الشجرة أحسن لهما.
فلم يدركا أنها حيلة شيطانية,فأكلا من الشجرة
المحظورة:" فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى"سورة طه.
معنى هذا أنهما كانا عاريين,ولكن ساترا يمنع
ظهورالعورة,قد يكون نورا,وقديكون ساترامن
النوع الذي يحجب الجن والملائكة عن الظهور
لنا,رغم وجودهما معنا...
والحق أن ما ورد بالقرآن الكريم يؤيده ما بسفر
التكوين الإصحاح الثالث ,باستثناء لباس الجلد
حيث يقول:
1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلهُ، فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقًّا قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ: «مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ، 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». 6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ. 7فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ.
8وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. 9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». 10فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ». 11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ». 14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».
20وَدَعَا آدَمُ اسْمَ امْرَأَتِهِ «حَوَّاءَ» لأَنَّهَا أُمُّ كُلِّ حَيٍّ. 21وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا
ملاحظة:
ما ورد بسفرالتكوين في سبب تسمية "حواء"
يعتبر رفضا لتفسيرفيلون الرمزي,فحواء واسمها,
حقيقتان لا غبار عليهما...
ولكن انتباه فيلون الذي برهن على وجودالله تعالى,
لم يلبث أن فقد السيطرة عن التوازن,كما قال
صاحب مكتبةبرج المراقبة:
ولكن حين حاول فيلون ان يفسّر جوهر الله الكلي القدرة،‏ حاد كثيرا عن الحق.‏ فقد ادّعى ان الله «ليست لديه صفات تميّزه» وأنه إله «غامض».‏ كما انه ثبّط عزيمة الذين يحاولون معرفة الله،‏ قائلا ان «اي محاولة .‏ .‏ .‏ لاستقصاء جوهر الله او صفاته المميِّزة هي الحماقة بعينها».‏ وهذه الفكرة ليست مؤسسة على الكتاب المقدس بل على تعاليم الفيلسوف الوثني أفلاطون....
عبداللطيف سراج الدين



شكرا لك ولمرورك