الكراهية مرض فكري :
لقد تعود البعض الشعوربإحساسات معينة نحو المخالف ,
تختلف بين الإيجاب والسلب , فمن تربى تربية ديمقراطية ,
بمعنى إعطاء كل ذي حق حقه , دون الشعوربانزعاج أو
تحرج....فإنه لا يبدي الكراهية للمخالف , لأنها عمل سلبي
غير بناء . والبد يل عنه التفاهم , والحوار البناء ,
والإقناع ..
خاصة في مجال العقيدة , فكلنا يعلم أن البشرله ديانات
مختلفة , منهم من يعبد الله تعالى وحده , ومنهم من يقلد
مخطئا يؤله البشرمباشرة , أويجعل منه من اتحد فيه
اللاهوت والناسوت فأصبح إلاها , وهذا لا يقبله العقل ,
لهذا لا ينبغي أن يتخذ معتقدا, ولا أن يصدق قائله....
وعلينا أن نقنعه بأن ما يقول به خطأ , دون أن نسخر
منه , أو نبدي له الكراهة , لأنه انطلت عليه حيلة التقليد
,
وتملكته عادة التصديق بالخرافة , وكبل فكره المحيط الذي
يعيش فيه , وكان مصدرثقافته غيرالمبنية على أسس
منطقية...ولقد حذرنبي الإسلام عليه السلام , من خطر
الموروث الفكري فقال صلى الله تعالى عليه وسلم :
المولود يولد على الفطرة , فأبواه يهودانه
, أويمجسانه ,
أو ينصرانه... لذا قال المسلمون لا يكفي في العقيدة إرثها
عن الآباء فقط , بل لا بد من تصحيحها عند البلوغ تصحيحا
مبنيا على أسس منطقية سالمة , بالمقارنة بين الأديان ,
وقبول ما هو ممكن دون المكذوب أو المبالغ فيه , كادعاء
الولد لله تعالى ...فإذا حجب التقليد عن الشخص حقيقة
الأمر,
استعان بتحليلات الآخرين واستنتاجاتهم , ودراساتهم
للديانات , فيختارما يرى فيه نجاته في الآخرة , وما يرى
أن العقل يؤيد ما يقوله , بهذا يتعافى من مرض التقليد ,
الذي يدفع الى قلب الحقائق , وإلى مرض الكراهية ,
وآ فة السخرية.....ونجا من السجود الى الصور , والى
التماسيح , والبقر, والشجر , والنجوم...
وإن دراسة أصول الديانات , ومعرفة ما وضعه منها
فيلسوف , أومصلح اجتماعي , أوصوفي , أوكاذب..
ومعرفة ما نزل منها من السماء , فأصابه تحريف ,
وتزوير....أو بقي سالما كالإسلام , كل ذلك مفيد في
معالجة مرض الكراهية , والتقليد الأعمى الذي يقود
الى الجحيم....فقد يكون شعب بأكمله , أو أمة مجرد
وارث لخرافات وعادات , وطقوس لا أساس لها من
الصحة...كما سنرى بحول الله تعالى .
وكذلك علينا أن نبحث في النظريات التي دفعت بالإنسان
الى الإلحاد والتطرف في التدين والمخالفات الأخلاقية ...
مثل الميل الى المثلية , والتخلي عن الأخلاق الفاضلة ..
مثل نظرية داروين وأمثاله , لأن نظريته سبقت بآراء
فلاسفة يونانيين , قالوابأن أصل الإنسان كائنات بحرية
...
مخالفين بذلك ما جاءت به الديانات السماوية , فهم في
الهاوية يتعذبون...لأنه ليس كل ما يقوله الفيلسوف ,
أوالرهيب , أوالكاهن بصواب يقبله العقل , فكثير منهم
مخرف , ومثلهم الذين يجدون عظاما وجماجم لحوانات
ما , فيظنون أنها بقايا إنسان قديم , كان حيوانا ثم
تطور...فهذا هراء لا قيمة له , وضلال بين يقود الى
الجحيم ...ولقد أنكروا كذلك وجود الجن , مع أن كثيرا من
الناس يستعملون الجن
في السحر, الذي أضربمرضى
لا يمكن تقدير عددهم , ولقد رأى الناس أثر بعض
أعمالهم , مثل الرمي بالحجارة , وقلب أواني المطبخ ,
ورمي السكان بها ....وهذا الأمر تحقق مرارا , وقد
تجد من السحرة من يعزم على النعلين فيصعدان الدرج
بمفردهما ....كما تفرج على ذلك بعض الألمان بجنوب
المغرب ....فعلى الناس اتباع الدين السماوي , لا
تصديق الضالين المضلين من الفلاسفة والكهان ,
والطبيعيين....وإن أصح دين اليوم هوالإسلام , لا
أقول هذا لأني مسلم , وإنما لأنها الحقيقة..وعندما
أنتقدك وتنتقدني وأنت محق , فتلك مساعدة لا سخرية ,
فلا بد أن نتعاون لنعرف الحقيقة , لأن المتدين يكون
عاطفيا قابلا للانخداع , فعليه أن يستيقظ , ويميزبين
الصحيح والباطل...فالبحث والمقارنة والاستنتاج ,
هي الحجج المثبتة لصدق المتكلم أو كذبهم ...وقد
تجد رهيبا يقول كذا وآخريقول بعكسه , بمعنى أن
أحدهما كاذب...وقد يكونان معا على خطإ , وقد يكونان
معا على صواب ...وبالبحث والمقارنة يكون الإنسان
إنسانا قادرا على إثبات وجوده . بمعنى أنه يتحدى
الكذب والخرافة...وهناك شعوب كثيرة تسود فيها
الخرافة , مثل الشعوب الاسكندنافية وما جاورها ,
لهذا كتب أحد الفلاسفة المعاصرين قصة عنوانها
" عالم صوفيا" , وهوالعالم الاسكندنافي الذي
يؤمن
بخرافات كثيرة , حاول الفيلسوف تدميرها بكتابته عنها ,
ولكن بنصيحته لتلميذته الصغيرة , أفسد ت عقلها البريء
بدفعها الى الإلحاد الكلي , بدل الإيمان الخرافي.
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء