الحب في الأد ب العالمي :
إن الحب شيء محترم , وعلاقة إنسانية تكون أساسا في بناء
الأسرالراقية ,
المثالية , المحافظة , ذات القيم الدينية والخلقية , ولقد
اتخذت أشكالا من
الاتجاهات عبر التاريخ , فكانت عند عقلاء الناس تقوم على
أساس الاختيار,
المبني على التدبروالتفكير, والبحث عن الأصول , وهذا
النوع يكون في غالب
الأمرناجحا في الحياة الزوجية , لأن الغرض منه يكون هو
بناء أسرة رفيعة
المستوى , وتكون لبنة في صرح المجتمع الفاضل , ونظرا
لوجود النيات
الحسنة عند الأطراف المعنية , فإن هذا النوع من العلاقات
ينتج عنه وفاء
مريح , ينبثق عنه حب لا تزعزعه الأحداث , ولا الشبهات ,
ولا يرضى
بالبديل لمجرد علاقة زائلة , وكان يعبر عنه في الأد ب
الشعبي بقولهم :
زواج ليلة تدبيره عام . فكيف إذا كان زواج عمر؟ وكانت
الأسرة الخاطبة
والمخطوب عندها , كلتاهما تقوم بالبحث عن أصول وصفات
وتاريخ
وصلاح الطرف الآخر, ليكون البناء غيرقابل للهدم....
وهناك أنواع أخرى من العلاقات , تعتمد على العين أوالأذن
الراويين
للصورة , دون بحث عن الصفات العقلية المطلوبة في الزوجة
, وهذا
النوع قد تكون فيه نسبة النجاح أقل من القائم على
الاختيار الأول , وقد
يكون حبا قائما على خيانة زوجية , بين جار وزوجة جاره ,
أوبين أعزبين
جارين , وقد يكون بين تلميذين , أوبين عاهرة احترافية
ورجل فاجر ,
أو بين راعيين ...كمن قال أحدهم :
أحبها وتحبني ,
ويحب ناقتها جملي ...وقد يكون الحب غيرمتوازن ,
فيكون ضربا من العبث , كقول القائل : أحبها وتحب غيري ,
وغيري يحب
غيرها...فهذا اختيارعين غيرمتعقلة , عند كل الأطراف , يحبون
دون تفكير
في العواقب , فتنتج عندهم أمراض نفسية ...
والحب القائم على الأذن عالمي كذلك , توصف
المرأة للرجل فيحاول تملكها ,
غيرمبال بعواطف الطرف الآخر, ولا بمشاعرأسرته وجيرانه ,
كالحب الذي
قامت الحرب بسببه بين ملكين يونانيين في القديم , فيما
يعرف بحروب إسبرطة ,
فالحرب قامت لمجرد أن الملك عنده زوجة جميلة , سمع بجمالها
الآخرفهاجمه ,
فمات بسبب ميله العطفي خلق كثيرمن جيشي المدينتين...ولقد
حاصرملك من
العرب ملكا آخر, فأطلت ابنة المحاصرمن سورالمدينة مرة ,
فرأت أن المحاصر
لأبيها شاب قوي وسيم , فأرسلت إليه قائلة :هل تتزوجني إن
مكنتك من دخول
المدينة ؟ فقبل ووفى لها بوعده بعد أن كسرت طوق الحصار,
وبينما هما في
فراشهما توجعت وعاودت , فبحثوا في الفراش عما يوجعها ,
فوجدوا قشة ,
فقال لها أمن أجل هذه كان كل هذا الإزعاج؟ فما كان أبوك
يفرش لك وما كان
يطعمك؟ قالت :
كان يفرش لي كذا ويطعمني عسل أبكار النحل , ومخ أبكارالأبقار.
فقال لها: وكان
جزاؤه منك القتل ؟ فجمع الناس وأمربفرسين , ربط بكل رجل
فرسا وضربوهما فشطراها شطرين ...
وجاء في الأدب الروسي الكثير من الخيانات الزوجية وغيرها
, منها رواية "الأم " ,
للأديب "مكسيم غوركي " , نشرها سنة 1908 م , وكان
من أبطالها شاب قوي
تزوج شابة , رأى فيها مواصفات الزوجة الجميلة , الأنيقة
...لكنه بعد قرانهما
مباشرة تفاجأ بانها وقعت في غرام شاب آخر, أكثرإثارة
وأناقة...وإن كان تافه
النفس والطموح .... فكان اختياره فاشلا , لأنه غير مبني
على قواعد الاختيار
الأمين المثمرالرصين المعقلن ...كذلك نجد الخيانة
الزوجية في الرواية الشعرية
الروسية " أوجين أنغين " , والتي نتج عنها قتل
وانتحار, وتخريب ودمار...
وقد يدفع الحب بالرجل أو المرأة الى أنواع من تحمل الطرف
الآخر, كما نجد في
" جيب الجبلي " , وهي مسرحية دانمركية , نجد
فيها الزوجة مستبدة وطاغية ,
تسيرالزوج بالعصا لسوء تصرفه , فقد أرسلته مرة ليشتري
لها ملحا من المدينة ,
فسكرونام في الطريق ....فأخذه حاكم وولاه تسييرجماعة ,
فاصبح طاغية بعد
ضعف ... فأسكره الحاكم وأرجعه الى مكان نومه , فاستقيظ
وظن أنه كان في
حلم , أوجنة ,
وانتابه الخوف من عودته الى عذاب زوجته ...وهذا
موجود عندنا كذلك في الأدب الشعبي , فقد روى لي والدي
رحمه الله
تعالى , أن رجلا كان من هذا النوع , وزاره بعض أصدقائه ,
فأراد أن
يظهرله أنه صاحب الكلمة المسموعة في البيت , فاتجه نحوها
وهو
يصيح قائلا: لماذا أخرت عنا الأكل ؟ وكان بيدها مغرفة
كبيرة من
الخشب ’ فضربته ولم تتكلم , فقال : هه , كانت تريد ضرب
الكلب
فضربتني ....
ولقد رأينا اليوم عالما شبه مغاير, فقد اصبحت العلاقات
الغرامية ,
شائعة بين طلاب العلم الذين كانوا مثالا للطهروالسلوك
الحسن ,
أقصد اتخاذ العشيقات البغايا , من غير قصد بناء بيت
الزوجية ,
ورأينا الدول تدفع الثمن , لكثرة المتخلى عنهم , ولكثرة
المساجين
الذين يكلفون الدولة مصاريف مهمة , ولكثرة المآسي التي
تعاني
منها أسرالضحايا....ولقد بلغ عدد الأطفال في قم الشيعية وحدها,
من الأطفال الذين رمي بهم في قمامات الأزبال , أو في
الشارع نحو
الثمانمائة ألف طفل في السنوات الماضية , حسب بعض
الإحصائيات ,
كان ذلك نتيجة زواج المتعة وغيرها من العلاقات المشبوهة
. وفي
كل الدول نجد أعدادا من هذا النوع , والأدهى أن البعض
أصبح يتعاطى
هذه المخالفات دون تحفظ , وبدون تفكير في العواقب ...كما
بدأ الاتجاه
الى التخلي عن الإنسانية
, بالتزاوج مع الحيوانات...وبالزواج المثلي ...
لهذه الأسباب كلها يجب تأطيرالعلاقات الغرامية , وتوجيهها الوجهة
الأحسن , والأسلم من العبث , والرجوع بها الى المستوى
اللائق ...
وتوعية الشباب وغيرهم بخطورة الخيانة الزوجية , وتدريبهم
على
المحافظة على طهارة المجتمعات ...وأن التخنث أمرمرفوض
شرعا ,
وأنه ليس من صفات الرجولة...وتنبيه الأطفال في المدارس الى
خطورة
مرافقة من هو أكبرسنا منهم , وتنبيههم الى الإغراءات
المقدمة إليهم ,
من طرف من يريد بهم شرا ....
عبداللطيف سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء