التربية السياسية :
التربية السياسية نوعان :
- تربية سياسية دينية
- وتربية سياسية مصلحية
الأولى تربية قائمة على الرحمة والعدل , والمساوات , وإقامة
شرع الله
تعالى ,ومن صفات أالمسؤول أ ن يكون أمينا, يجا د ل الناس
بالتي هي
أحسن وأنفع , قا ل الله تعالى :" وجادلهم بالتي هي أحسن
". وقال
النبي صلى الله تعالى عليه وسلم :" يا عائشة : « ما كان الرفق في شيء
إلا
زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه». وقال الله تعالى :" وما
أرسلناك
إلا رحمة للعالمين". وقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم :
"
ألا أنبئكم بأهل النار؟ كل عُتل جَوّاظ مستكبر". وقال وَكِيع رحمه الله
تعالى:
"كل جَوَّاظ جعظري مستكبر.فالمسلم
مقتد برسوله الكريم , عليه
السلام
, لهذا عليه أن يكون رحيما برعيته , الصغيرة والكبيرة , كانت
أسرة
أو دولة أوأمة....وقد دعا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم , على
من
لم يرفق برعيته , ليبين خطرالمهمة , وجسامة الولاية , التي أخبر
بأنها
خزي وندامة يوم القيامة , إذا لم يرع الحاكم حقوقها , قال صلى
الله
تعالى عليه وسلم :" اللهم من ولي من أمرأ متي شيئًا فرفق بهم
فارفق
به ، ومن شق عليهم فشق عليه". وكما يربينا الدين على الرفق
والرحمة
, يربينا على العدل والمساوات , قال الله تعالى :" فأصلحوا
بينهما
بالعدل , وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ". وأخبر تعالى بحال
الظالم
يوم القيامة فقال عزوجل :"ويوم يعض الظالم على يديه يقول:
ياليتني
اتخذت مع الرسول سبيلا".وقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم :
"الظلم
ظلمات يوم القيامة". وهو ليس قاصرا على الحاكم , وإنما يشمل
المحكومين
كذلك , فعن أم سلمة رضي الله تعالى عنهاقالت: " جاء رجلان
من
الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مواريث بينهما قد د رست ,
ليس
بينهما بينة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تختصمون إلي , وإنما أنا
بشر,
ولعل
بعضكم ألحن بحجته , أو قد قال لحجته من بعض , فإنى أقضى بينكم
على
نحو ما أسمع , فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه , فإنما
أقطع
له قطعة من النار, يأتى بها أسطاما فى عنقه يوم القيامة . فبكى
الرجلان
, وقال كل واحد منهما: حقى لأخى , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما
إذ
قلتما , فاذهبا , فاقتسما , ثم توخيا الحق , ثم استهما , ثم ليحلل كل واحد
منكما
صاحبه ". وفي نموذج المساواة في
الحكم جاء فعل وقول الرسول
صلى
الله تعالى عليه وسلم , :" فعن عائشة رضي الله تعالى عنها:" أن
قريشا
أهمهم شأن المرأة المخزومية التى سرقت , فقالوا: من يكلم فيها
رسول
الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى
الله عليه وسلم ؟
فكلمه
أسامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع فى حد من حدود الله ؟ ! ثم قام
فاختطب
, فقال: أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم
الشريف
تركوه , وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد , وايم الله لو
أن
فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ". ولا بد من المساواة في توزيع
الثروة
, وطريقة توظيف الناس , حتى لا يستفيد الشخص لقرابة أو مقابل ,
وحتى
لا يبقى الموظف الشبح , بهذا بنيت الشعوب
القوية , وقد منع
رسول
الله صلى الله تعالى من الولاية من طلبها , لأن الاستحقاق شرط ,
والناس
أدرى بالمستحق .. فمراعاة شرع الله تعالى مطلوبة في كل تصرفات
المسؤولين
, حتى في مخاطبة الناس , لذلك أوصى عمربن الخطا ب رضي
الله
تعالى عنه , قاضيه بأ ن يعدل بين الناس حتى في الإقبال عليهم بوجهه..
ومن
أوجب الواجبات أن يكون المشرف على شيء أمينا ’ فلا يغل , ولا يبذ ر,
لقول
الله تعالى :" {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا،
إن
المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ". والغلول
محرم
حتى على الأنبياء , لقول الله تعالى :" وَمَا كَانَ
لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ
يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ
مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ , أَفَمَنِ
اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ
ومَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ".
وحاشا
أن يغل نبي , فهذه تبرئة للنبي عليه السلام فقط . وبهذه التربية
الدينية
يتكون المسلم , ليدخل ميدان السياسة محافظا على مجتمعه ,
وواجباته
الأخلاقية والروحية , فلا يغش , لا يسرق , ولا يظلم , ولا ينافق ,
ولا يحطم اقتصاد بلاده , ولا يهدم وطنه بدعوى
تغييرالمنكر, لأن المنكرلا يغير
بمنكرأكبرمنه
, لهذا وضع السادة العلماء شروطا لتغيير المنكر, منها العلم ,
لئلا
يكون تغييره للمنكرمؤد يا الى فسا د...فالتربية الدينية تنشرالأمن , والعدل ,
والرفه
, والرفق , والمساواة , وكل ما يبني الوطن والمجتمع ....
أما
من يريد أن يسوس الناس, معتمدا على تربية ذوي المصالح الخاصة ,
فإنه
يتكون في مد رسة النفاق , والقسوة , والاستغلال , والأنانية , ومعارضة
شرع
الله تعالى , والوقوف في وجه تطبيق حدوده ... ومن المدارس التي
يتكون
فيها هذا النوع , المعتمد على القوانين الوضعية : مد رسة : الغاية تبرر
الوسيلة
, وهي تعلم النا س ألا يبالوا كيف يصلون الى مصالحهم , فعليهم
أن
يصلواولوعلى رؤوس البشر, أوبقطعها وتشريد أصحابها , أوتدمير دورهم ...
وهناك
مدرسة صاحب كتا ب " الأمير" ,
وهي مدرسة تخرج الحكام
المنافقين
بامتياز..فلا عليهم في نظرها أن يظهروا للناس بوجه الصلاح
ويخفوا
الوجه الحقيقي , ولا عليهم أن يعطوا الوعود الكاذبة ...
وهناك
المدرسة النفعية , وهي شبيهة بالمدرسة الأولى , فالمتخرج منها
لا
يهمه إلا أن يحصل على منفعة , فإذا حصلت فهي مطلوبه . لهذا نرى
اليوم
خريجي هذه المدارس , يدمرون , ويعيثون في الأرض فسادا ,
والناس
يبكون , والأيتام يتزايدون , والمشردون من المحجبات والثكالى
تعج
بهم المخيمات إن وجدت , دون أن يلتفت إليهم مسؤول عن الفتنة ,
أو
يرق قلبه لطفل بات في البرد والعراء ...ولا يهمه أن تغتصب طفلة ,
أو
سيدة...فقط يريدون التغيير, كمن يحرق بيتا ليد اويه من الجراثيم ...
ولقد
تزوج في القديم مغن بنائحة , وهي التي كانت تكترى للنوح على الميت ,
فسمعها
يوما تقول : اللهم وسع أرزاقنا . فقال : يا هذه إنما الدنيا فرح
وحزن
, فإذا مات أحد نادوك , وإن أقيم فرح نادوني . فهي لا تبالي بأحزان
الناس
, لايهمها إلا سعة الرزق...
هذه
فقط بعض النماذج التي تعلم
الناس كيف ينسون الواجب الإنساني ,
عندما
يريدون الوصول الى الرئاسة والأغراض الخاصة , من خريجي
المدارس
النفعية .
ومن نماذج المد رسة الدينية عمربن الخطاب رضي الله تعالى عنه ,
فهويجوب
الشوارع بالليل , يبحث عن ذي الحاجة , ويتفقد أمن البلد ,
لأن البنية
التحتية هي وجه الحكومة , فإزالة الفقر , والتشرد , والحمقى ,
من
الشوارع , وإنقاذ المحاصرين من طرف المحاربين , والمغتصبين ,
واجب
الحاكم الديني , لهذا فعمرلا ينام حتى يطمئن عن الرعية , ولقد
رصد أثناء
تجواله حتى الحاجة الجنسية , إ ذ سمع القائلة تنشد :
...لولا
الحياء لاهتزمن هذا السريرجوانبه...
فسأل
:كم تصبر المرأة على زوجها ؟ فقيل له أربعة أشهر . فأمرالجند
ألا
يغيبوا أكثرمن أربعة أشهر...وحارب المصلحة الخاصة عندما كادت
تعصف
بالأمة , فأسرع رضي الله تعالى عنه , الى
مبايعة أبي بكر
متناسيا
حقوقه , ومتغلبا على أنانيته , ومفضلا للمصلحة العامة فقال له :
ابسط
يدك أبايعك . فبسط يده فبايعه وتبعه الناس , فقطع الطريق عن
ذوي
الأطماع الخاصة , الذين كادوا يشعلون حربا بين المسلمين..وكان
هذا
كذلك موقف ابن عم "يوسف بن تاشفين" , رحمهما الله تعالى ,
عندما
رأى من ابن عمه أنه يريد محاربته ليحل محله , فأقره على
ملك
المغرب ورجع للجهاد في جنوب البلاد ...فإذا اجتمع المسؤول
الديني
الصالح , وتطبيق شرع الله تعالى , ساد الأمن والاستقرار ,
وزال
الفقر, وغابت المحسوبية , ولم يبق أثرللزنا , وقطع الطريق ,
والعري
, وتبادل القبل والعتاق بين الممثلين والممثلات , ولم تجاهر
الواحدة
بأنها مساحقة , ولم يجترئ أحد على المثلية , لأن تطبق الحد
أنفع
زاجر..ولقد نجد الرجم ’ والجلد في القرآن والإنجيل , والتورات .
ونجد
فيها طلب إخراج الزكاة , وإقامة شرع الله تعالى , وتحريم التعامل
بالربا....
عبداللطيف
سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء