منا فع الجود

 


منافع الجود :
منافع الجود غير منحصرة , لأن الوجود يشمل الدنيا
والآخرة , والجود له منافع عاجلة وأخرى آجلة . وقد
تحسن الى إنسان فتجد جزاءه رائعا و سريعا...ولقد ارسل
الله تعالى ملائكة في صوربشر, لبعض الناس ليختبر
كرمهم....وقديما جرب اليونان الأولون الإحسان فوجدوا
له منافع فقالوا: إن الوجود ينفعل بالود , ظنا منهم أن
الطبيعة لها عقل , أوكانوا يؤمنون بأن الله تعالى موجود ,
يجازي عن الحسنة بأكثرمنها....لهـذا ظن البعض أن
الشيخ ابا العباس السبتي رحمه الله تعالى , كان متأثرا
بالـمـذهب اليوناني القائل:إن الوجود ينفعل بالجود...لأن
الشيخ كان رحمه الله تعالى , كثيرالإحسان , دائم الأمر
به , فمن طلب منه أن يساعده في طلب شفاء , أورد
مظلمة أوضالة ...أمره بالتصدق , والحق أن ثقافة
الشيخ رحمه الله تعالى كانت ثقافة إسلامية محضة ...
فا لإسلام حافل بتزيين الجود ومدحه والحث عليه ..مثل
قول الله تعالى :"  يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ
خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْن وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ..." وابن السبيل
مثل مهاجري سوريا... ومما يزين التصدق ويحث عليه ,
قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم :" داووا مرضاكم
بالصدقة."وهوحديث حسن ثابت عن النبي عليه الصلاة
والسلام. وقال الله تعالى يصف المحسنين :" إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي
جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ , آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ
مُحْسِنِينَ : كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ , وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ , وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ .." فمن
توفرت فيه هـذه الصفات الثلاث العظيمة , كان كريما محسنا
بامتياز...قيام الليل مع الإيمان بالله تعالى ورسله كلهم , عليهم
الصلاة والسلام . والاستغفاربالأسحار, بعد الانتهاء من صلاة
 الصبح وقيام الليل... وأخيرا أن يجعل حقا معلوما في ماله
 للفقراء والمحتاجين...
ثم إن أقوال الرسول كثيرة في هـذا المجال ....مثل قوله صلى الله
تعالى عليه وسلم :" من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة
فلينفس عن معسر أو يضع عنه . رواه مسلم . "
ومن عجائب ما وقع في باب الكرم , أن الفقيه الجليل : ابن
المبارك رحمه الله تعالى , حج البيت الحرام..وبينما هو نائم ,
رأى رسول الله تعالى يقول له : إذا رجعت من الحج , فتوجه
 الى مكان كـذا واسأل عن فلان المجوسي , وقل له إن محمدا
يقرئك السلام..." فتوجه الى المكان وسأل , فود الرجل سيخا
كبيرا ..فقال له ابن المبارك: إني سائلك فأجبني بصراحة ,
هل سبق لك أن عملت معروفا ؟ فأجابه الشيخ :لا , ولكني
أقرض الناس أحيانا...فقال له ابن المبارك :هل غير هـذا؟
قال الشيخ :لا, ولكنه حدث مرة أن جاءتني امرأة تحمل قنديلا ,
فقلت لها ما شأنك ؟ قالت انطفأ القنديل وجئت أقتبس نورا...
فاقتبست وخرت , ثم عادت ثانية , بدعوى أن الريح أطفأت
قنديلها...فأوقدته ومشت , فاقتفيت أثرها , شكا مني أن تكون
جاسوسة لصوص ...فدخلت خيمتها , فإذا بها لها بنات
يسألنها : أجئتنا بشيء ؟ وكان الجوع قد أضربهن , فأرسلنها
عند الشيخ لتطلب منه أكلا...فقالت الأم : لقد التقيت به لكني
استحييت من الله تعالى , أن أطلب من مشرك شيئا....قال
فرجعت الى مكاني , وأخـذ ت طبقا وضعت فيه من كل نوع
مما يوجد عندي من الفواكه...ثم توجهت نحوهن وناولتهن
الطبق ....فقال ابن المبارك هـذه التي أظن أن الرسول أقرأك
السلام من أجلها ... إنه أمرني أن أبحث عنك وأقرئك السلام ,
فكنت أقول : كيف  يقرئ الرسول مجوسيا السلام ؟ قال ابن
المبارك : فرفع الشيخ أصبعه الى السماء وقال : أشهد أن لا
إله إلا الله , وأن محمدا رسول الله . ثم فاضت روحه ...فغسلناه
وصلينا عليه ودفناه...
فاستحق الشهادة بفعل الخيريا من يقتلون الناس بالظلم
والعدوان .....
سراج الدين عبد اللطيف
 
شكرا لك ولمرورك