تجدد أصناف الناس :
أصناف الناس وطبائعهم كثيرة , لأنهم يكتسبون سلوكهم ,
ونوع تفكيرهم, وطبيعة تدينهم , وأشكال عادتهم....
من المحيط الـذي ينشأون فيه , وهي أمور تتجدد , فقد
تظهربيئات , وعادات , ومعتقدات لم يكن لها نظيرفي
الزمن الماضي . ولقد أله السابقون من ضعاف العقول ,
مخلوقات لا تنفع ولا تضر, مثل الكواكب , والأشجار,
والبشر, والجن...لأنهم خافوا مظاهرها , ظانين أنها
آلهة , لها تأثيرفي الوجود , إما لعظمة حجمها , أو
لجمال شكلها , أولكون من ألهوه صاحب سلطة ونفوذ ,
يقتل
ويسجن ويظلم ....ومع تطورالبشر نشأ غباء جديد ,
وتهورلامثيل
له , كما نلاحظ اليوم ..فقد ظن البعض أنه بلغ
مرتبة
الحسم في الأمورالغيبية , فأبدى رأيا كان سبب غموض
الرؤيا
, وطمس الحاسة المد ركة لحقائق الأمور...فلم يؤله
بشرا
ولا حجرا .... ولم يمكنه التيقظ لاكتشاف الإله الحقيقي
الـذي خلق الكون ورتبه..وأرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام ,
دالين عليه , وهادين الى سبيله المقدس ...
وهـذا الصنف كان منه نوع بالزمن القديم , منه فلاسفة وغيرهم ,
كانوا
يعبرون عن آرائهم بطرق ملتوية , وهم يحاولون تفسير
الكون
ونشأته حسب هواهم , ضاربين بأقوال الأنبياء عرض الحائط ,
فضلوا
وأضلوا...ويقال إن أرسطوالتقى بسدينا موسى عليه السلام ,
ولم
يقبل أقواله , وإنما اتبع الخيال في تفسير الوجود فلم يتوفق...
وفي
العصر الحديث ظهرمن انكروجودالله تعالى , وعزوا
تكون
الخلق الى أسباب طبيعية.... وتجرأ البعض أكثرفدعا الى
عصيان
الله تعالى والتغلب عليه , كما فعل بعض رؤوس الماسونية ,
ممن
يضلون الشباب , ويفسدون النشء , ويخربون أخلاق الشعوب
بتآمرمع
بعض القادة , مقابل دفع أصوات انتخابية تمكنهم من شغل
منصب
ذوي القرار...ولقد هزم الله تعالى ذلك الغبي عندما أرسل تعالى
عليه
من يقبض روحه , لتكون في نارجهنم , فما استطاع حراكا
ولا
عودة , ولا انفلاتا من العقاب....ولقد كثرالمقلدون , فهناك من قلد
أصحابه الماسونيين فأصبح ماسونيا , أوأغراه دافع للمال , أوقلد
أباه
فأصبح يهوديا , أونصرانيا , أومجوسيا , أوبوذيا , أومسلما....ولا
شك
في كون التقليد له فوائدومضا ر. فمن قلد مصيبا كان على صواب ,
ومن
قلد مخطئا كان على خطإ بالطبع ...ومن قلد ملحدا كان مثله...
والأنواع
الكثيرة يكون واحد منها هوالمصيب ,إذا سارعلى النهج القويم ,
الـذي دعا إليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام . فالضالون كثر,
والمهتدون
كـذلك كثر...وهم متساوون عند الولادة , فمن اجتهد ليخرج
من
ورطة الضلال اهتدى في الغالب , ومن ركن الى التقليد بقي على
ما
هو عليه من ضلال أوتوفيق...وإن كثيرا من الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام
, كانوا غير را ضين على ما وجدوا قومهم عليه من التقليد الخاطئ ,
لهـذا رفض سيدنا إبراهيم عليه السلام عبادة قومه , الساجدين الى
الأصنام
...وبدأ يبحث لنفسه عن الإله الحق , فسجل الله تعالى ذلك
في القرآن الكريم , ليكون لنا نموذجا يحتذَى , وليتحفنا ببحث رجل
يحب
أن يهتدي , لعلمه أن هـذا الكون لا يمكن أن يوجد بالصدفة , وهو
على
ما عليه من نظام ,وجمال , وكمال تسيير....قال الله تعالى :
"
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ
آَزَرَأَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آَلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ
مُبِينٍ (74)وَكَذَلِكَ
نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ
الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ
اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا
أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ
الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ
هَذَا رَبِّي
فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ
مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77)
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا
أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي
وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي
فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ
رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ
عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا
أَشْرَكْتُمْ
وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ
يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ
الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
(81)...........
كـَذَلك
فعل النبي سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم , إَذَ
وجد
قومه أهل شرك يعبدون الأصنام , ويعملون القبائح ,
ويرتكبون
المحرمات , وينتشرفيهم القتل وقطع الطريق ...
فأصبح
يختلي بنفسه في جبل يتفكرويطلب الله تعالى , الى أن
هداه
وأنزل عليه روح القدس عليهما السلام , فعلمه وحمله
الرسالة
الى الكون كله , بأمر من الله تعالى.....
وهناك
صنف آخرمن البشر, يسمى عند المهتمين بالمراد ,
لأن
الإنسان بصفة عامة : إما مراد أومريد...المريد يبحث
عن
تحسين مستواه الفكري والاعتقادي , بالسؤال والاستنتاج
والمقارنة
....والاجتهاد في العبادة لخالقه وحده دون أن
يشرك
به شيئا....أما المراد فهومحبوب مقرب بالاختيار ,
بلغه
الله تعالى مرتبة كبار الأولياء دون مشقة ....وهو
المعروف
بالمجـَذَوب....وهـَذَا الصنف كـَذَلك أنواع , منهم
الـَذَي
ولد مجـَذَوبا , فاقدا لعقله , ولكنه يتصرف بحكمة ,
ويخبر
بما سيحدث في المستبل , ويتكلم مع الشخص
باسمه
وإن كان لا يعرفه , وقد عرفت منهم أنواعا بالمشاهدة ,
والسمع
, وكان بعضهم مجاب الدعوة , لا تتأخر أكثر من
نصف
ساعة أحيانا ...مثل الفقيه المجَذَوب سيدي أحمد بن
السيدة
, المدفون قرب مدينة سيدي بنور , ومنهم آخر كان
بمدينة
سيدي بنور وقت الاستعمار , ضربه الحاكم النصراني
مرة
فقال له : سلط الله تعالى عليك حادثة ....فجاءت عربة
نقل
صادفته وسط الطريق , فداسته فأصبح عجينا .....
وكان
آخر بنفس المدينة يتساقط المطر ولا يصيبه منه بلل ...
والناس
ينظرون......وكان منهم من يتمتع بكامل عقله , فيجمع
أحيانا
بين الجَذَب والعلم الشرعي , مثل الفقيه الحاج العربي
رحمه
الله تعالى , كان عالما مجاب الدعوة في أقل من دقيقة
يحصل
ما طلب , ولقد دعا مرة على سارق حاول دخول منزله ليلا
وهو
جالس مع من تطوع معه تلك الليلة بالحراسة , بطلب من
الفقيه
, الذَي أطلعه الله تعالى أن أحدا سيهاجم منزله , فقال
عندما
رآه َأذَهب الله تعالى بصرك . فعمي قبل أن يبدل خطوته ......
وعرفت
منهم المجـَذَوبة رقية رحمهم الله تعالى جميعا,وحصل
لي بسببهاخير
كثير....ولا يزال منهم ممن أعرف بعض الأشخاص
بأولاد
السي بوحيا قرب سيدي بنور, وكـَذَلك بالعونات , ولكن
لا
أعرف عنهم إلا بعض الأخبار التي قد أذَكرها قريبا إن شاء الله
تعالى
.و قسم الشيخ الخوارزمي رحمه الله تعالى , الأصناف البشرية
الى ثلاثة أصناف في كتابه "المفيد للعلوم
" فقال :والنفوس البشرية
على
ثلاثة أصناف : صنف عاجز بالطبع عن الوصول الى الادراك
الروحاني
....ويظهر لي أن تحقيقه وإن كان في معظمه على جانب
كبير
من المصداقية والأهمية ,إلا أن الانطلاقة غيرمنصفة , فكل
إنسان
أتي نصيبا من الـَذَكاء والادراك , به يستطيع التمييز بين
الصحيح
والسقيم , والصواب والخطإ , لهـَذَا كان كل إنسان مسؤولا
عن
عمله , إلا من رفع عنهم القلم , وهم المجاَذَيب والمجانين والأطفال
دون
التمييز, والنائمون...فمن كان سالما مميزا وقلد مخطئا فهو
مخطئ
, ومن اجتهد واهتدي نجى نفسه من عـَذَاب الله تعالى ...
وقد
يصل المريد مراتب عالية في الولاية , فيظهرَذَلك من خلال ا تصاله
بالعلم
اللدني , والسلوك الصالح , البعيد عن القتل , والغدر, وقطع
الطريق....والعبث
بثروات الناس وأعراضهم ...لقول الرسول صلى
الله
تعالى عليه وسلم : المسلم من سلم الناس من يده ولسانه....وقوله :
لا
يؤمن أحدكم حتى يؤمن جاره بوائقه..... والكلام يطول إَذَا تحدثنا
عن
مراتب وكرامات الأولياء المشاهدة ,ودرجات الأنبياء عليهم الصلاة
والسلام
, وعن أنواع الوحي....فانظرالكتب المختصة...
وإن
أحسن طريقة لاختيار الدين الصحيح , هي الشهادة التي تتضمن
كون
جميع الأنبياء والمرسلين على صواب , بدون استثناء , ابتداء
من
سيدنا آدم وانتهاء بسيدنا محمد , عليهم الصلاة والسلام ....
وللناس
فيما يختارون مـَذَاهب.....ومن قال أشهد أن لا إله إلا الله
وأن محمدا
رسول الله , ضمن الجنة , وكان كمن قال آمنت بأن الله
تعالى
واحد وأن جميع الأنبياء والمرسلين على حق ...
عبداللطيف
سراج الدين
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء