بين المتطرفين

ن بين أنواع التطرف:
التطرف الأول:
إن التطرف يغزو العالم , وسيطيح بكثيرمن الأنظمة الهشة
في المستقبل البعيد, أقصد التي لا تكون في مستوى التدبير
الديني والخلقي , والخاضع للقيم العالية .فإن لم يتنبه العالم
الى خطرقادم , وقد بدأ بالفعل في بعض الدول , فإن الأمر
قد يصبح خارجا على السيطرة , وقد يصبح الشخص لا
يفرق بين الخيروالشر. ولقد قال لي صديق : كنت في بلد
كـذا فدخلت مقهى , وبعد مدة قصيرة قال لي صاحبها:
إن زوجتي تستدعيك فانظرماذا تريد ....واجتمعت مرة
بأستاذ جامعي كان مستتشارا لوزيرسابق يمثل حقوق
الإنسان , فانتهى بنا الحديث الى أننا ينبغي أن نسمح للبنت
أن تبيت مع أصدقائها خارج البيت . فقلت له : أترضى
 هذا لبنتك؟ قال:نعم...قلت في نفسي:إن مثل هذا سيفسد
الوزيرباستشارته...ولم أكن أعلم أن جمعية خقوق الإنسان ,
تعارض مبادئ الدين في بعض مطالبها , ولم أكن أدري أنها
ستجعل من الناس ديوثين إن لم يغيروا بعض فصولها , إلا
بعد ليلة 4 أو 5من شهر11سنة 2015م , ذلك أن
حقوقيتين إحداهما خليجية , قالتا بفضائية غربية :لابد
لدولة كـذا الخليجية من إلغاء عقوبة الزنا.وكل القوانين
المتعارضة مع حقوق الإنسان , فلا يصح أن تعتبرالمتزوجة
زانية إ ذا مارست الجنس خارج البيت....لأنها دولة وقعت
على حقوق الإنسان ........
فإ ذا كانت هذه هي حقوق الإنسان , فإننا نرفض التوقيع
عليها , ولا نقبل من يوقع عليها بالنيابة علينا. وكـذلك لا
نقبل أن تلغي هـذه الجمعية هصا قرآنيا , سواء تعلق بالإرث
أو بغيره , لأن بعد الأرث سيطلبون السماح بالزواج
المثلي , وبجواز زنا الزوجة....وهـذا عمل البغايا , فلا
بد من صدورحقوق الإنسان عن جمعية فاضلة ,
دينية , لأن ما تطالب به تلك البغية وأمثالها هوالتطرف
الجنسي .
التطرف الثاني:
هو التطرف الديني , ويوجد في الخروج على طاعة
أولي الأمرالمحافظين على الدين , وفي ادعاء الولد
لله تعالى , وفي تأليه البشروالحيوانات , والمظاهر
الطبيعية , واتباع ديانات من اختراع البشر, مثل
البو ذية , والكونفوشية , والطاوية , والشنتوية ,
والهندوسية ...
التطرف الثالث :
التطرف السياسي , ومنه محاولة السيطرة على اقتصاد
الضعيف عقلا وقوة ,بطرق شتى كإثارة الفتن من أجل
التدخل لإخمادها, مقابل ثروة البلد المتنازع, وكتحريض
 دولة على دولة لنفس الغرض , وكابتكارأكا ذ يب
تشهرالحرب بسببها على المكـذوب عليه...
التطرف الرابع :
في الإلحاد , ويتمثل في ابتكارطرق في العيش , تتنافى
مع الفضيلة وسبل العيش الكريم , كالزواج بالمحارم ,
والزواج بالمثل....كل هـذا يسببه إنكاروجود الله
تعالى , فلو أن الإنسان اعتقد أن الله تعالى يراقبه ,
وأنه سيحاسبه ....لكان في مستوى بشريته...وهناك
تطرفات أخرى أقل خطرا .
رأي الدين :
الدين ينصحنا ويأ خذ بأيدينا بتوجيهاته المباركة ,
وتحذيراته المنبهة , وبإعطائه أمثلة مما حدث للأمم السالفة .
فهو يريدنا أن نكون محسنين , والمحسنون هم ا لذين ينطبق
عليهم وصف الله تعالى الوارد في سورة الحجرات ...قال
تعالى:"إنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ
رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا
مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)
 وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)"
بعد أن بين لنا تعالى وصف المحسنين , ضرب لنا أمثلة
تذكرنا بوجود الله تعالى فقال سبحانه :
" وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا
 تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)
فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)"
ففي الذات آيات شاهدة على تكوينها رائع ميل , لا
يمكن أن يكون من صنع الطبيعة التي لا تفقه شيئا ,
فهناك عيون ساحرة , وشكل آذان رائعة , وشعرجـذاب ,
وسمع يميزالبشرعن الحجر...
بعد هـذا البيان الكريم , ساق لنا قصة ما جرى لأمة
كانت تعمل الخبائث , بأسلوب جميل , فيه تصويرلمنظر
بأكمله , بتحركاته , وحالاته النفسية , وترقبات أفراده,
ومفاجآته , وكرم رجل فوق ما نتصور, وقوة خارقة
نزلت من السماء في ظرف وجيز ....فقال تعالى :"هَلْ
أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا
عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا. قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ
إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26)فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا
تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ
وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ
فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) قَالُوا كَذَلِكَ
قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (30قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا
الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (32)
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33)مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ
 لِلْمُسْرِفِينَ (34) "
جاء الملائكة الى سيدنا إبراهيم , قبل أن يزوروا سيدنا لوطا
عليهم السلام أجمعين , لأنه أكبرمنه مرتبة وسنا والله تعالى
أعلم , وهوتشريف من الله تعالى إ ذ أخبرنبييه قبل بدء معاقبة
المجرمين , وكان أثناء الإخبارتبشيربولد , ومؤانسة لأهل بيت
كرام بررة , وإظهارلقوة وقدرة من جعل الملائكة يظهرون في
صزرة البشر, ويحدثون بيت النبوة بأسرارلا علم لهم بها...
وكنا نرى حركة سيدنا إبراهيم وهويأمربتهييئ الوجبة الشهية
للضيوف , وخوفه من زائرين لا يعرفهم , وتصنت زوجته
التي لم تكن أقل منه خوفا ...وعندما سمعت بأنها ستلد
تفاجأت بالخبر, واستحضرت آلام الولادة بعدتقدم في السن...
كما أن السيد إبراهيم اطمأن , بعد أن علم أن الضيوف
ملائكة, وأنه سيكون أبا لرجل عالم حليم ...ولكن اطمئنانه
لم يكن تاما , لأنه يخاف الله تعالى ويعلم قدرته الفائقة ,
ويعلم أن الملائكة لا نتزل إلا لخبرقد يكون صعبا ....
فكان ينتظرالفرصة ليسأل عن موضوع الزيارة ليطمئن
أكثرفقال عليه السلام بعد انتهائهم من الكلام :" فَمَا
خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (31) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ
مُجْرِمِينَ (32) لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ (33)
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ (34)" ولا شك في كون
هـذا الإخبار, وهـذا السياق , فوق قدرة البشر,
مما يشهد له أنه كلام الله تعالى ..أستمع جيدا الى
قوله تعالى حكاية عن الملائكة :" مسومة عند ربك.."
لا شك أن أيديهم فارغة , ولكنها عند بداية القصف
ستملأ بإذن الله تعالى , أو ستمطرمباشرة على المجرمين,
فلا يكون دورهم إلا الإخبار, والقيام بمهام أخرى...
ولكن من هم هؤلاء المجرمون المسرفون ؟ إنهم مثليون
يحبون إتيان الرجال , ويعملون في نواديهم المنكر,
دون حياء أو خوف , كما نجد في سورأخرى ,
ولقد بلغ بهم الخبث أن هاجموا منزل نبي الله تعالى
لوط عليه السلام , عندما رأوا هؤلاء الضيوف
الآتين من بيت سيدنا إبراهيم , في صورة فتيان لا
يوجد في القوم مثل مالهم , وبياضهم , مما هزقلوبهم
المريضة , فلم يراعوا حرمة ارهم , فهاجموه وهم
لايعلمون أن أولئك الفتيان هم أقوياء لالعالم , وأنهم
سيقلبون عليهم الأرض , ويرجمونهم بحجارة يكون
فيها حتفهم وشقاؤهم... وقبل أن يعاقبهم الله تعالى
على أيدي هؤلاء الكرام , أمرالمؤمنين بإخلاء المكان ,
لئلا يصيبهم ما سيصيب القوم ...قال الله تعالى :
"فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا
فِيهَا غَيْرَبَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) وَتَرَكْنَا فِيهَا آَيَةً لِلَّذِينَ
يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (37))"....إنه الموت وعـذاب

الآخرة , والشقاء الدائم.....ولقد حاول سيدنا إبراهيم عليه ,

 السلام أن يستعطف الله تعالى ليكف العقاب عن قوم لوط , فلم

يجبه , و لم يتراجع عن أمره المطاع , قال تعالى في سورة هود:

:
" قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ

عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ
أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ
 إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ
(74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ
 أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آَتِيهِمْ
عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76) وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ
بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (77)
وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ
 السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا
 اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78)
 قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا
 نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آَوِي إِلَى رُكْنٍ
شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا
إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ
إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ
 أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا
سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82)
مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ (83)..."
ألمثل هَذَا يدفع بنا البغايا ومن يوافقهم ؟
عبداللطيف سراج الدين

شكرا لك ولمرورك